للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حاجة السائر إلى الله إلى المنهج والقدوة]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته، فجزاه الله بأفضل ما جزى به نبينا عن أمته، وصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فحديثنا في هذا الدرس إكمال لما فسرناه من كتاب ربنا في الدرس الماضي، وقد وقفنا عند قول الله عز وجل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا * وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء:١٦٣ - ١٦٥].

فهذه الثلاث الآيات هي التي سيدور عليها الحديث في هذا اللقاء المبارك إن شاء الله تعالى.

فنقول مستعينين بالله تعالى: إن الإنسان وهو يسير إلى ربه لا بد له من منهج يسير عليه، ولا بد له في نفس الوقت من أئمة يقتدي بهم، وحتى يكون المسير إلى الله جل وعلا حقاً على بينة وعلى صراط مستقيم لا بد من أن يكون المنهج الذي نسير به من لدن ربنا، وإلا فلن نستقيم في السير على صراطه ولا في الطريق إليه.

الأمر الثاني: ينبغي أن يكون القدوة والإمام الذي نضعه نصب أعيننا أن يكون معصوماً حتى لا تختلف علينا الأهواء، ولا معصوم إلا أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ولذلك عندما يحتج الإنسان وهو يتحدث أو يعمل بفعل الأنبياء والمرسلين لا تجد لأحد طريقاً عليه؛ لأن الله جل وعلا عصم الأنبياء والمرسلين من الزيغ ومن الضلال، فهم عليهم الصلاة والسلام لا يصدرون عن آرائهم، إنما يصدرون عن وحي الله جل وعلا إليهم، فإذا اجتهدوا في أمر ليس فيه وحي فإن الله جل وعلا لا يقرهم على خطأ إذا أخطئوا، فإن نبينا عليه الصلاة والسلام أعرض عن عبد الله بن أم مكتوم، فنزل القرآن يعاتبه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس:١ - ٢] وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون له أسرى يوم بدر واستشار أصحابه، فأنزل الله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفال:٦٧] إلى غير ذلك من الدلائل التي لا تحتاج إلى كثير شواهد وعظيم قرائن.

والمقصود أن الله جل وعلا قص في كتابه الكريم بعضاً من أخبار رسله وطوى بعضها عن نبينا صلى الله عليه وسلم وعنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>