للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر بعض من قصة خلق آدم وغواية إبليس له]

ثم قال الله جل وعلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الأعراف:١١]، خلق الله جل وعلا أبانا آدم من قبضة قبضت من الأرض، وورد أن الله بعث ملكاً يقبض هذه القبضة، فلما جاء الملك ليقبضها قالت له الأرض: أعوذ بالله منك، فرجع الملك إلى ربه، فقال له ربه: ما صنعت؟ وهو أعلم، قال يا رب! استجارت بك فأجرتها، فبعث الله ملكاً آخر وهو أعلم، فلما جاء ليقبض قبضة من الأرض قالت الأرض: أعوذ بالله منك، فرجع إلى ربه فسأله ربه كما سأل الأول فأجاب كما أجاب الأول، فبعث الله ملكاً آخر وهذا الفرق في العلم، فلما جاء ليقبض من الأرض قبضة قالت له الأرض: أعوذ بالله منك، كما قالت لأخويه، فقال لها الملك: وأنا أعوذ بالله ألا أنفذ أمره؛ لأن الله أمرني أن أقبض قبضة، فقبض قبضة من الأرض مجتمعة مختلطة؛ فلذلك تفاوتت طبائع الناس، فحملها إلى الله تبارك وتعالى، ومن هذه القبضة الترابية خلق أبونا آدم، لكن هذه القبضة الترابية مزجت مع ماء فأصبحت طيناً، ثم تركت مدة فأصبحت كالصلصال الفخار، وكلها ذكرها الله جل وعلا في القرآن قال: {خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الحج:٥]، وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ} [الأنعام:٢] وقال: {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [الرحمن:١٤]، فذكر الله في القرآن المراحل الثلاثة التي مر بها خلق أبينا آدم، ثم أكرم الله جل وعلا آدم بأن نفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، كما هو نص القرآن، وقد بينا هذا مفصلاً في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>