للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[براهين توحيد الربوبية]

ثم ذكر الله جل وعلا بعض البراهين على أنه رب العالمين جل جلاله، وسورة النحل تسمى سورة الامتنان؛ لأن الله جل وعلا ذكر فيها كثيراً من مننه على خلقه تبارك وتعالى، وصدرها الله جل وعلا في آيات متفرقات ببراهين البعث، وبراهين البعث أكثر من خمسة، والمذكور في سورة النحل ثلاثة: الأول: الاستدلال بالأمر العظيم على الأمر الذي هو أدنى منه، قال الله جل وعلا: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النحل:٣]، فلما خلق السموات والأرض دلل جل وعلا به على القدرة على بعث الناس؛ لأن الله يقول: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:٥٧]، وهذا أول براهين البعث.

الثاني: خلق الإنسان نفسه، ولذلك قال الله جل وعلا بعدها: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [النحل:٤]، وكونه جل وعلا خالقاً للإنسان ابتداء يدل على أنه قادر على أن يعيده، وهو البعث، ولهذا قال الله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:٧٨]، وقبلها قال: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:٧٧].

الثالث: إحياء الأرض، ولهذا الله جل وعلا قال: {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ} [النحل:١١] إلى آخر الآية.

فإنبات الأرض بعد مواتها دلالة على القدرة على بعث الناس {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى} [فصلت:٣٩].

فهذه براهين البعث الثلاثة التي ذكرها الرب جل وعلا في سورة النحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>