للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولله المشرق والمغرب)]

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:١١٥] خص الله جل وعلا هاتين الجهتين؛ لأنهما يتعلق بهما ما يصدع من أنوار، وهو إظهار لكمال قدرة الله جل وعلا وأنه رب الأشياء كلها.

{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:١١٥]، هذه الآية: تثبت أن للرب تبارك وتعالى وجهاً على الصفة التي تليق بجلاله وعظمته، وصرح بهذا القرآن من غير نكير ببرهان واضح، قال الله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧]، وقال: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨]، وهذا تأصيل لابد منه.

لكن: هل المقصود بقول الله جل وعلا: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:١١٥] صفة الوجه المتكلم عنه أو المقصود الجهة كما يقال: فلان بان من هذا الوجه يعني: هذه الجهة؟ بعض العلماء يقول: إن المقصود هنا: وجه الله، ونحن اتفقنا أن لله وجهاً يليق بجلاله وعظمته، لكن بعض العلماء يقول: إن القرائن في الآية لا تدل على أن المراد هنا وجه الله مع إثباتنا صفة الوجه للرب تبارك وتعالى، لكن نقول في هذا السياق: المقصود بلفظة: (وجه) هنا الجهة، ويحتجون بأن الله ذكر قبلها، قوله: ((وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ)) فذكر الجهات قبله، ومال إلى هذا أقوام، ومال إلى هذا أقوام، وكلا الفريقين من أهل السنة ممن قال بأحد هذين القولين متفقون على أن لله جل وعلا وجهاً هو أكرم الوجوه، ولله الاسم الأعظم، والوجه الأكرم، والصفات المثلى.