للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المراد بقوله تعالى: (أنزل فيه القرآن)]

هذا الإطلال العام للآية، وأما الإطلال الخاص فإننا نقول قال الله جل وعلا: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:١٨٥] اختلف العلماء في المقصود بـ {أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:١٨٥] على قولين: القول الأول: أن القرآن نزل كاملاً من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا في شهر رمضان، وهذا قول لـ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

القول الثاني: -وهو الذي أرجحه-: أن المقصود ابتداء نزول القرآن على نبينا صلى الله عليه وسلم، وكان في شهر رمضان، وقد جاءت آثار تدل على أن كتب الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كالتوراة والإنجيل والزبور كلها أنزلت في شهر رمضان.

ثم جاء تكرار في الآية وهو أن الله جل وعلا قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} وقال بعدها: {وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:١٨٥].

والجواب عن هذا التكرار أن يقال: إن الهدى الأول هو الهدى الذائع العام الذي يكاد يعرفه كل أحد في القرآن، ولهذا قال: {هُدًى لِلنَّاسِ} [البقرة:١٨٥]، وأما الهدى الثاني فهو من غوامض القرآن الذي لا يدرك إلا بالاستنباط، فلا يعرفه إلا العلماء.