للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرمي ثم يصلي الظهر أو العكس؟]

و

السؤال

قلنا: إن النبي عليه الصلاة والسلام صلى في مسجد الخيف، فهل كان يرمي ثم يصلي، أو يصلي الظهر ثم يرمي؟

و

الجواب

أنه كان ينتظر حتى تزول الشمس فيرمي ثم يعود إلى المسجد فيصلي بالناس، وخيمته بجوار مسجد الخيف، فيخرج ثم يرمى الجمرة الأولى الصغرى التي تلي مسجد الخيف، ثم يأخذ ذات اليمين فيقف يدعو بعد أن يتقدم قليلاً، ثم يأتي الجمرة الوسطى فيرميها، فيأخذ ذات الشمال ويتقدم ويدعو طويلاً، ثم يأتي جمرة العقبة التي هي حد منى من تلك الجهة، ثم لا يدعو ولا يقف صلوات الله وسلامه عليه، ويعود إلى المسجد ليصلي بالناس، فالرمي يقع وقتاً بعد الزوال وقبل صلاة الظهر، هذا إذا أردت أن توافق السنة، لكن لا يعني أنه لا يقبل إلا في هذا الوقت، فمن كان لوحده ليس كمن معه رفقة، ومن كانت رفقته رجالاً ليس كمن رفقته نساء، ومن رفقته نساء ضعيفات ليس كمن رفقته نساء نشيطات، فيختلف الوضع، والإنسان على نفسه بصيرة.

وفي ثالث الأيام انتهى صلى الله عليه وسلم من الرمي وذلك يوافق الثالث عشر، فرمى الجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى كما بينا، ثم لم يعد إلى مسجد الخيف وإنما مضى لسبيله، وأتى خيف بني كنانة، وخيف بني كنانة مكان اجتمعت فيه قريش لما تآمرت على النبي صلى الله عليه وسلم على أن يحبسوه في شعب أبي طالب؛ في الشعب الذي جمع فيه بنو هاشم، وقد قال قبلها: (إنا نازلون غداً في خيف بني كنانة)، واختلف العلماء في نزوله صلى الله عليه وسلم هذا، فذهبت عائشة وأظنه قول ابن عباس أنه شيء في طريقه صلى الله عليه وسلم، وذهب بعض العلماء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم تعمد هذا، والذي يعنينا أنه لم يقل أحد بوجوبه، لكن قيل بسنيته، وهو الذي يظهر لي، فيأتي الإنسان هناك فيصلي الظهر في وقته ركعتين، والعصر في وقته ركعتين، والمغرب في وقته ثلاثاً، والعشاء في وقته ركعتين، هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رقد رقدة خفيفة واستيقظ قبل طلوع الفجر، وذهب إلى المسجد الحرام، وطاف بالبيت صلوات الله وسلامه عليه طواف الوداع قبل أن يصلي الفجر، ثم صلى بالناس الفجر إماماً، ثم رجع إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه، ونحن هنا بما أننا نفسر القرآن ولا يفسر القرآن بأعظم من السنة ذكرنا شيئاً من حجته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يتناسب في مقامنا هذا قبل دخول الناس في مناسك الحج، وهذا أفقه للناس وأنصح لهم؛ وحتى يعان المرء علمياً على كيفية الحج إلى بيت الله.

أظن خيف بني كنانة الآن منطقة المعابدة في مكة، وهي أقرب المناطق التي تحويها ما يسمى قديماً بخيف بني كنانة، وكان يسمى بالمحصب، وفي الحديث: (أن النبي عليه الصلاة والسلام رقد رقدة بالمحصب)، وبينا خلاف العلماء في هذه الرقدة هل كان طريقاً مر به صلى الله عليه وسلم لا أكثر من ذلك ولا أقل، أو أنه تعمد صلى الله على وسلم فيه، ورجحنا أن النبي عليه الصلاة والسلام تعمد فيه.

قال ربنا: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة:٢٠٣]، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله جل وعلا).

{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة:٢٠٣].