للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان إهلاك الله تعالى المكذبين بعد بسط نعمته عليهم]

قال تعالى: {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأنعام:٦].

أي: بسطنا لهم في الأموال والجاه والأجساد والبنين، فلم يحل ذلك بيننا وبين إهلاكهم {فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الأنعام:٦].

أي: أوجدنا وخلقنا قوماً آخرين يعمرون الأرض بعدهم، ولا ريب في أن المسوغ لإهلاك أهل مكة أعظم من المسوغ لإهلاك من سبق، والمسوغ هنا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل ممن قبله من المرسلين، فإذا كان أولئك القوم كذبوا برسل؛ فقد كذبتم أنتم بأعظم رسول، فالهلاك في حقكم أكبر، ولكن الله جل وعلا أبقاهم؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال:٣٣].

والآيات -وإن دلت على الزجر والوعد والوعيد لأهل الإشراك- قد تضمنت ثناء الله جل وعلا على نفسه، وأعلم أن القرآن دل على أن سبب هلاك الأمم أمران: الأمر الأول: التكذيب بالرسل ومعاندتهم.

والأمر الثاني: البطر في المعيشة وغمط الحق، فغمط الحق وبطر المعيشة من أعظم أسباب هلاك الأمم، قال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ} [القصص:٥٨].