للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم)

يقول الله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام:٢٢ - ٢٤].

التكذيب بالبعث والنشور من أعظم ما كان عليه أهل الإشراك، وإذا علمنا أن سورة الأنعام مكية فإنها ستعالج الخلل العقدي في أهل مكة، وأعظمه الشرك بالله وإنكار البعث والنشور، كما قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن:٧].

فالله جل وعلا يقول لنبيه في غيب لا يعلمه عليه الصلاة والسلام، أذكر يا محمد، ونبئ هؤلاء القوم بأنه سيأتي يوم نحشرهم فيه جميعاً بلا استثناء، فالخلائق يحشرون جميعاً إنساً وجناً وملائكة ودواباً، (ثم نقول) أي: في يوم الحشر {لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٢٢]، فهل تحشر أصنامهم معهم ثم يحال بينهم وبينها؟ إن هذا وارد يدل عليه قول الله جل وعلا: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام:٩٤]، فهذا دليل على أنهم كانوا يرونهم، ولكن لا سبيل إلى الوصول إليهم، وقيل: إنهم لا يحشرون، ولكن الذي أراد القرآن أن يثبته هو أن تلك الآلهة والأصنام التي كانوا يتعلقون بها ويعدونها لساعة ما تخذلهم يوم القيامة، ولهذا قال الله: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٢٢]، وهذا لا شك في أنه استفهام توبيخي، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كل زعم في القرآن فهو كذب.