للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف)]

ثم أجمل جل شأنه فقال: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} [الكهف:١٠] الفتية: جمع فتى، وقال بعض الفضلاء: إننا إذا جمعنا فتى بفتية فإننا نقصد قوماً صالحين أشرافاً ذوي هيئات، وإذا جمعنا فتى بفتيان فإننا نقصد الخدم والحشم، واحتجوا بأن الله أخبر أن يوسف قال لفتيانه، ولم يقل لفتيته، وهذا القول مقبول إلى حد ما، لكن يشكل أنه في قراءة: (إذا أوى الفتيان إلى الكهف)، والمقصود: هذا تخريج بعض الفضلاء وهو مقبول إلى حد ما كما قلت.

قال الله جل وعلا: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف:١٠]، فمن استهدى بالله هداه، ومن سأله أغناه، ومن لجأ إليه آواه، وليس للمؤمن أحد يلجأ إليه إلا ربه، قال الله جل وعلا: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن:٢٢]، وهذه دعوة كل يدعيها لكن العطايا الإلهية والمنح الربانية إنما تكون بحسب ما في القلب، فالله جل وعلا يحاسب عباده بما علم في قلوبهم لا بما ظهر للناس منهم، وهذا أمر يعين الطالب في طلب العلم، وفي طلب أي مرغوب من الرب تبارك وتعالى.

فعلموا الذي عليهم وأخذوا بالأسباب، وفروا من قومهم، وسألوا الله جل وعلا الإيواء والرحمة.