للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (قال هذا رحمة من ربي)]

قال بعد ذلك: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} [الكهف:٩٨] أي لكم؛ لأن الله جل وعلا بهذا الردم حماكم من أذى يأجوج ومأجوج، {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} [الكهف:٩٨] أي: عند قرب قيام الساعة، وتؤيده آية الأنبياء، {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء:٩٧]، وقبلها قال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [الأنبياء:٩٦]، {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف:٩٨]، وهذا سيأتي في الدروس القادمة.

ويأجوج ومأجوج قلنا: إنهما قبيلتان من نسل يافث بن نوح، قال عليه الصلاة والسلام: (ويل للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بين أصبعيه الإبهام والسبابة) صلوات الله وسلامه عليه، وهم أمة من الأمم، الله أعلم بعددهم، ليس لأحد بهم قدرة، وعند خروجهم يشرب أولهم بحيرة طبرية فلا يبقي لآخرهم شيئاً، فيأتي آخرهم فيقول: كان هنا ماء، يرمون النشاب إلى السماء، فيرد الله رأس الرمح أحمر، فيقول: بعضهم لبعض غلبنا أهل الأرض، وقهرنا أهل السماء، وهم فتنة من أعظم الفتن، ويفر عيسى والمؤمنون الذين معه إلى جبل الطور فيدعو عليهم، فيصيبهم النغف في رقابهم، يموتون موتة رجل واحد، ثم تأتي طيور تحملهم، ثم ينزل الله مطراً ليس لأهل زرع ولا ضرع، يغسل الله من نتنهم، ثم إن المؤمنين الذي ينزلون مع عيسى يشبون ويوقدون النار، من قسي يأجوج ومأجوج سنين طويلة، مما يدل على أنهم تركوا أسلحة كثيرة، وهذا يدل على كثرتهم.

هذا ما يمكن أن يقال عن يأجوج ومأجوج، ويمكن أن يقال عن هذه الآيات المباركات التي شرعنا فيها بيان قصة كليم الله موسى مع العبد الصالح الخضر، ثم ذكرنا إجمالاً نبأ الملك الصالح ذي القرنين، وما مكن الله جل وعلا له في الأرض، وأن الأصل في جهاد المسلمين والغاية الكبرى أن يدخل الناس في دين الله أفواجاً.

هذا ما تيسر إيراده، وتهيأ إعداده حول هذه السورة الكريمة، بقي لنا إن شاء الله تعالى في اللقاء القادم، سنختم بقول الله تعالى: {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف:٩٨]، وندخل على قول الله: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} [الكهف:٩٩]، ثم نذكر أهل الجنة ومآلها، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف:١٠٧]، ثم نذكر -إن شاء الله تعالى- في اللقاء القادم الفرق ما بين كلام الله وكلام المخلوقين، ثم نذكر خاتمة الصورة، وأن الوحي أعظم خصائص الأنبياء التي أعطاهم الله جل وعلا إياها، إذ قال جل شأنه: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:١١٠]، هذا كله موضوع الحلقة أو اللقاء القادم إن شاء الله تعالى.

أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يلبسنا وإياكم لباسي العافية والتقوى.

وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.