للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طمأنة الله تعالى لموسى عليه السلام]

من فوائد هذه القصة أن الله جل وعلا قال لنبيه: {خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى} [طه:٢١]، فقول الله جل وعلا: ((وَلا تَخَفْ))، هذا نوع من الاطمئنان أعطاه الله جل وعلا لموسى قبل أن يأخذ العصا، وهذا يعلمك درساً أن الذين تريد أن تربيهم على الحق لا تقطع أملهم في المكافآت، أو لا تظهر تخليك عنهم تماماً وتقول: أنا أريد أن أربيهم، أنا أريد أن يصل إلى الحق بنفسه، بل يحسن أن يكون هناك شيء يسير من الإعانة، كما أعان الله كليمه موسى بقوله: ((خُذْهَا وَلا تَخَفْ) ولو قال له: خذها من غير أن يقول له: ولا تخف، لأخذها موسى؛ لأن موسى أتقى لله من أن يرد قوله، لكن الله قال له: ((وَلا تَخَفْ)) ففيه نوع من الاطمئنان، ونوع من الإعانة، ومن التيسير في التكليف، ولهذا جاء في دعاء الصالحين: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة:٢٨٦].

ثم إن موسى عليه الصلاة والسلام -كما سيأتي- طلب أن تكون الوزارة لأخيه هارون؛ لأنه -كما ذكرنا-كانت في موسى حبسة، وهارون كان فصيحاً، فكان الناس في حاجة إلى صرامة موسى وحسن سياسته مع قدرة هارون على التعبير وإيضاح الرأي.