للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه ذكر اللعن في حق الرجل والغضب في حق المرأة]

وبعض الفضلاء من أهل العلم يستعجل في فهم قضية اللعن والغضب، وكذلك بعض المعاصرين ممن هم إلى الثقافة أقرب منهم إلى التأصيل، فيقولون: إن الإسلام يشدد على المرأة؛ فالله تعالى قال في حق الرجل: {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور:٧]، وقال في حق المرأة: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا} [النور:٨ - ٩]، فذكر في حق المرأة الغضب، وهو السخط، وهو أشد من اللعن، وهم يفقهون بادي الرأي أن المسألة فيها ميل إلى الرجل ضد المرأة.

وليس الأمر كذلك لو تأملته، فالرجل إذا قذف امرأته فلو قدرنا أنه كان كاذباً فإن غاية ما يمكن أن يوصف به الرجل أنه كاذب قاذف فإن الحد في حقه هو حد القذف، فكذبه موازن لحد القذف، ولكن لو قدرنا أن الرجل كان صادقاً فيما رماها به وكانت المرأة كاذبة في البراءة فإنها تكون زانية، وأيهما أعظم: القذف أم الزنا؟

و

الجواب

الزنا، فاللعن مناسب للقذف ويلزم الرجل، والغضب مناسب للزنا، فليست القضية قضية تفريق بين رجل وامرأة، وإنما القضية أن الرجل إذا كان كاذباً في دعواه فغاية الأمر أنه قذف زوجته بما ليس فيها، فيصل إلى مرحلة القذف، وهذا حقه اللعن، ولكن المرأة إذا كانت كاذبة في دعواها البراءة فهي لا تصبح قاذفة كزوجها، بل تصبح زانية يقيناً.

فإذا أصبحت زانية فإن الزنا أشد من القذف، إذ الزنا حده في المحصن الرجم، والقذف حده الجلد ثمانين، فاللعن يوافق حد القذف، والغضب يوافق حد الزنا.

فليست القضية قضية ممالأة رجل ضد امرأة، وإنما القضية هي أن الغضب يوافق الزنا واللعن يوافق القذف، وهذا أمر يحسن تحريره.