للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم)]

قال الله عنهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٧٦].

اختلف الناس في معنى الآية، فذهب فريق من العلماء ومنهم الحسن البصري وبعض السلف إلى أن المقصود منافقو اليهود.

وقال آخرون: إن هذه الآيات تنضم إلى ضميمتها في آل عمران: {آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران:٧٢].

والذي نختاره أن هذا القول من أحبار يهود لمن لهم به علاقة من الصحابة، يقولون لهم: آمنا بهذا النبي كما في كتبنا لكنهم يستدركون قائلين: إنه نبي للعرب خاصة، ولسنا مكلفين بأن نؤمن به، فإذا عاد أولئك الذين قالوا هذا القول للصحابة يعاتبهم غيرهم ويقولون لهم: كيف تقرون لهم بأنه موجود في كتبكم: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:٧٦].

(فتح الله عليكم) يعني أخبركم في التوراة عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخبرتموهم -أي العرب- المؤمنين بالنبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار والمهاجرين، والأنصار على وجه الخصوص؛ لأنهم أكثر صلة وعلاقة باليهود كان ذلك إقامة للحجة عليكم.

ثم قال ربنا: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٧٦]، اختلف العلماء في قول الله تعالى: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٧٦] هل هو خطاب من الرب للمؤمنين فيكون أشبه بالعتاب أو هو خطاب من الأحبار بعضهم لبعض؟ أنا أميل إلى الثاني أن اليهود يلوم بعضهم بعضاً على ما وقع منهم.