للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه)]

ثم قال بعد ذلك تذييلاً: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور:٥٢].

وهنا نفصل: فهناك حق لله، وهناك حق للرسول، وهناك حق مشترك بين الله ورسوله، فالإيمان والطاعة حق مشترك لله والرسول، والخشية والتقوى حق لله، والتوقير حق للرسول صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى لا يقال في حقه: (توقير)، بل يقال أعظم من ذلك، فيقال: عرف فلان قدر ربه، أما كلمة (توقير) فتستخدم في أسلوب التعامل مع المخلوقين، كما قال تعالى عن الرسول صلى الله عليه وسلم: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح:٩].

فالله جل وعلا هنا قال: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النور:٥٢] وهذا حق مشترك، ثم بعد أن ذكر الحق المشترك ذكر الحق الخاص له جل وعلا الذي لا يصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: {وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ} [النور:٥٢]، والتقوى من حيث الجملة: فعل المأمور وترك المحذور، ولكن هذا الإطلاق ليس على حاله دائماً، فالتقوى أحياناً يكون معناها ترك المحذور وتوقي عذاب الله، وذلك إذا جاءت مقرونة بالبر والإحسان والطاعة، فإذا جاءت مقرونة بالبر والإحسان والطاعة تنصرف إلى ترك المحذور، كما في هذه الآية: {وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ} [النور:٥٢]، وهذا تخريج بعض العلماء.

وبعض العلماء يقول: إن المقصود: بـ (يخش الله ويتقه) أنه يخشى مما سلف، بمعنى الخوف من التقصير فيما مضى، والتقوى: الخوف من التقصير فيما يستقبل.

ثم قال تعالى: {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور:٥٢].