للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم)]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فقال الله جل وعلا: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب:٢٥].

بعد أن سلط الله جل وعلا على أهل الكفر ريحاً وجنوداً لم يرها المؤمنون ولا الكافرون، وكفى الله جل وعلا المؤمنين القتال كما عبر القرآن، عاد صلى الله عليه وسلم إلى حجراته، فجاءه جبريل وأخبره أن الله يأمره أن يأتي بني قريظة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم رهطاً من أصحابه قائلاً لهم: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة).

والمفهوم من هذا بادئ الرأي وأول الأمر وهو الحق، أن هذا البعث كان بعد صلاة الظهر، فبعد الفراغ من صلاة الظهر قال النبي صلى الله عليه وسلم لرهط من أصحابه: (لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)، وبنو قريظة كانوا يسكنون في الجنوب الشرقي من المدينة، وهم إحدى قبائل ثلاث من اليهود كانت تسكن المدينة، وهي قبائل بني النضير، وبني قريظة، وبني قينقاع.

فبنو قريظة كان عليهم سيد يقال له: كعب بن أسد، فحاول حيي بن أخطب أن يقنعه بأن يكون مع الأحزاب، رغم أن كعباً هذا سيد بني قريظة لم يكن موافقاً، وكان يقول لـ حيي: إنك رجل مشئوم، لكن حيياً زين له الأمر، وما زال يفتل له في الذروة والغارب؛ حتى أوقعه فيما أوقعه فيه، فمالت بنو قريظة إلى الأحزاب، وائتمروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رد الله جل وعلا أهل الكفر، ورد الأحزاب لم يناولوا خيراً -كما عبر القرآن- أمر الله نبيه بوحي جبريل إليه أن يأتي بني قريظة.