للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معاني الانقلاب إلى الله تعالى]

{لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [الزخرف:١٣ - ١٤].

الانقلاب في اللغة: عودة الإنسان إلى المكان الذي فارقه، وقد كان بدء خلق أبينا آدم في السماء عند ربه فلا بد من العودة إلى الله، فيستقيم هنا المعنى الشرعي مع المعنى اللغوي: الانقلاب عودة الإنسان إلى المكان الذي فارقه، وهذا الأمر نسبي، تقول: انقلبت إلى داري، وانقلب فلان إلى بيته، أي: عاد إلى بيته؛ لأنه توه فارقها.

وأما الانقلاب العام: فهو الأوبة والرجوع إلى الله قال ربنا: {إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى} [العلق:٨]، {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [الزخرف:١٤]، وتذكر الإنسان للآخرة منهج قرآني عظيم يجعله الله جل وعلا مطرداً في كل أمر أن يتذكر الإنسان اليوم الآخر، حتى لما ذكر الله الطلاق وذكر الرضاع وذكر غيرها كانت الآيات تأتي مقيدة: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة:٢٣٢].

ومن أعظم البواعث على العمل الصالح: تذكر الآخرة قال الله جل وعلا في حق بعض من اصطفاهم من رسله: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ} [ص:٤٦]، جاءت منونة حتى تشرئب الأعناق إلى معرفتها، وعادت منقطعة عن الإضافة: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ} [ص:٤٦]، والتقدير: هي ذكر الدار.