للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الواحدي: أجمع المفسرون عليه، انتهى، ويدخل الولاة في هذا الخطاب دخولاً أولياً فيجب عليهم تأدية ما لديهم من الأمانات ورد الظلامات، وتحري العدل في أحكامهم، ويدخل غيرهم من الناس في الخطاب فيجب عليهم رد ما لديهم من الأمانات والتحري في الشهادات والأخبار.

وممن قال بعموم هذا الخطاب البراء بن عازب وابن مسعود وابن عباس وأُبيُّ ابن كعب، واختاره جمهور المفسرين ومنهم ابن جرير، وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها الأبرار منهم والفجار كما قال ابن المنذر.

والأمانات جمع أمانة وهي مصدر بمعنى المفعول.

ْوقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة وقبض مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة فنزل جبريل عليه السلام بردّ المفتاح فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن طلحة فرده إليه وقرأ هذه الآية (١).

وعن ابن جريج أن هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة لما قبض منه صلى الله عليه وآله وسلم مفتاح الكعبة فدعاه ودفعه إليه. وقال هاك خالدة تالدة أي مستمرة إلى آخر الزمان قديمة متأصلة، وقد روى هذا المعنى بطرق كثيرة.

وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " أدّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك (٢) "، وقد ثبت في الصحيح أن من خان إذا اؤتمن ففيه خصلة من خصال النفاق (٣).


(١) قال السيوطي في " الدر المنثور " ٢/ ١٧٤: أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس مطولاً. قلت: والكلبي وأبو صالح ضعيفان لا يحتج بهما.
(٢) قال ابن كثير في تفسير الآية: يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك " رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
(٣) صحيح الجامع الصغير ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>