للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال جماعة: هذا الأمر خاص بمن كان محدثاً، وقال آخرون: المراد إذا قمتم من النوم إلى الصلاة فيعم الخطاب كل قائم من نوم، وقد أخرج أحمد ومسلم وأهل السنن عن بريدة قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله فقال: عمداً فعلته يا عمر، وهو مروي من طرق كثيرة بألفاظ متفقة في المعنى (١).

وأخرج البخاري وأحمد وأهل السنن عن عمرو بن عامر الأنصاري سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ عند كل صلاة قال: قلت فأنتم كيف كنتم تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث.

فتقرر بما ذكر أن الوضوء لا يجب إلا على المحدث، وبه قال جمهور أهل العلم وهو الحق، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق أربع صلوات بوضوء واحد، وفي الباب أحاديث، والتقدير إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم على غير طهر، وهذا أحد اختصارات القرآن وهو كثير جداً.

وفروض الوضوء في هذه الآية أربعة: الأول قوله: (فاغسلوا وجوهكم) الوجه في اللغة مأخوذ من المواجهة وهو عضو مشتمل على أعضاء وله طول وعرض، فحدُّه في الطول من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى اللَّحيَين، وفي العرض من الأذن إلى الأذن، وقد ورد الدليل بتخليل اللحية، واختلف العلماء في غسل ما استرسل، والكلام في ذلك مبسوط في مواطنه.


(١) مسلم/٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>