للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن عطاء قال: ما ذكر الله به النصارى من خير فإنما يراد به النجاشي وأصحابه، وعنه قال: هم ناس من الحبشة آمنوا إذ جاءتهم مهاجرة المؤمنين فذلك لهم ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

(ذلك) أي كونهم أقرب مودة (بأن) الباء للسببية (منهم قسيسين) جمع قس وقسيس قاله قطرب، والقسيس العالم وأصله من قس إذا تتبع الشيء وطلبه وتقسست أصواتهم بالليل تسمعتها، والقس النميمة والقس أيضاً رئيس النصارى في الدين والعلم وجمعه قسوس أيضاً، وكذلك القسيس مثل الشر والشرير، ويقال في جمع قسيس تكسيراً قساوسة، والأصل قساسة فالمراد بالقسيسين في الآية المتبعون للعلماء والعباد وهو إما عجمي خلطته العرب بكلامها أو عربي.

(ورهباناً) جمع راهب كركبان وراكب، والفعل رهب الله يرهبه أي خافه والرهبانية والترهب التعبد في الصوامع، قال أبو عبيد: وقد يكون رهبان للواحد والجمع قال الفراء ويجمع رهبان إذا كان للمفرد رهابين كقربان وقرابين، ثم وصفهم الله بعدم الاستكبار عن قول الحق فقال: (وأنهم لا يستكبرون) بل هم متواضعون بخلاف اليهود فإنهم على ضد ذلك.

وقيل: ولم يرد به كل النصارى فإن معظم النصارى في عداوة المسلمين كاليهود بل الآية فيمن آمن منهم مثل النجاشي وأصحابه، والعموم أولى، ولا وجه لتخصيص قوم دون قوم.

والآية الكريمة ساكتة على قيد الإيمان وإنما هو مدح في مقابلة ذم اليهود، وليس بمدح على الإطلاق، وقد تقدم الفرق بين وصف اليهود بشدة الشكيمة والنصارى بلين العريكة.

وفي الآية دليل على أن العلم أنفع شيء وأهداه إلى الخير، وإن كان علم القسيسين، وكذا علم الآخرة وإن كان في راهب، وكذا البراءة من الكبر وإن كانت في نصراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>