للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الصفة ومثله الرغبوت والرهبوت، مبالغة في الرغبة والرهبة قيل أراد بملكوتهما ما فيهما من الخلق، وقيل عجائبهما وبدائعهما وقيل آياتهما، وقيل كشف الله عن ذلك حتى رأى إلى العرش وإلى أسفل الأرضين، وقيل رأى من ملكوتهما ما قصه الله في هذه الآية.

قال ابن عباس: كشف ما بين السموات حتى نظر إليهن على صخرة والصخرة على حوت وهو الحوت الذي منه طعام الناس، والحوت في سلسلة والسلسة في خاتم العزة (١).

وقال مجاهد: سلطانهما، وقيل المراد بملكوتهما الربوبية والإلهية أي نريه ذلك ونوفقه لمعرفته بطريق الاستدلال التي سلكها، قال قتادة: ملكوت السموات الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار.

وهذه الأقوال لا تقتضي أن تكون الإراءة بصرية إذ ليس المراد بإراءة ما ذكر من الأمور الحسية مجرد تمكينه عليه السلام من إبصارها ومشاهدتها في أنفسها، بل إطلاعه على حقائقها وتعريفها من حيث دلالتها على شؤونه عز وجل، ولا ريب في أن ذلك ليس مما يدرك حساً كما ينبىء عنه اسم الإشارة المفصح عن كون المشار إليه أمراً بديعاً فإن الإراءة البصرية المعتادة بمعزل من تلك المثابة.

(وليكون من الموقنين) أي ليستدل به ويكون من أهل اليقين عياناً كما أيقن بياناً واليقين عبارة عن علم يحصل بسبب التأمل بعد زوال الشبهة، قال ابن عباس: جلالَهُ الأمر سراً وعلانية فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق، أو المعنى أريناه ذلك ليكون ممن يوقن علم كل شيء حساً وخبراً.


(١) هذا لا يصح لأنه من عالم الغيب والغيب نقف فيه عند خبر المعصوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>