للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الرازي: إنه خطاب مع الكفار عند قراءة الرسول عليهم القرآن في معرض الاحتجاج بكونه معجزاً على صدق نبوته، وعند هذا يسقط احتجاج الخصوم بهذه الآية من كل الوجوه، ثم ذكر ما يقوى أن حمل الآية على ما ذكر أولى بوجوه.

وقال لو حملنا الآية على منع المأموم من القراءة خلف الإمام فسد النظم واختل الترتيب فثبت أن حمله على ما ذكرناه أولى، وهذه الآية لا دلالة فيها على هذه الحالة انتهى.

وأشار القاضي إلى أن احتجاجهم بهذه الآية ضعيف، وقال بعض محشيه: أي مردود بخبر الصحيحين لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب انتهى.

أقول: رواه الجماعة عن عبادة بن الصامت وفي لفظ: " لا تجزى صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، " (١) رواه الدارقطني وقال إسناده صحيح وصححه ابن القطان ولها شاهد من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ مرفوعاً، أخرجه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما، ولأحمد بلفظ: " لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن " وفي الباب عن أنس عند مسلم والترمذي وعن أبي قتادة عند أبي داود والنسائي وعن ابن عمر وجابر عند ابن ماجة، وعن علي عند البيهقي وعن عائشة وأبي هريرة.

والحديث يدل على تعيين فاتحة الكتاب في الصلاة وأنه لا يجزي غيرها، وإليه ذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب العترة لأن النفي المذكور في الحديث يتوجه إلى الذات إن أمكن انتفاؤها وإلا توجه إلى ما هو أقرب إلى الذات وهو الصحة لا الكمال لأن الصحة أقرب المجازين، والكمال أبعدهما والحمل على أقرب المجازين واجب وتوجُّه النفي إلى الذات ههنا ممكن كما قال الحافظ في الفتح لأن المراد بالصلاة معناها


(١) الدارقطني كتاب الصلاة ١/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>