للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهم النفير كما أمرهم الله بذلك وأراده منهم، ورأوا كثرة عدد النفير وقلة عددهم استغاثوا بالله سبحانه، وهو معنى قول الأزهري، وقيل المستغيث هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيماً له.

وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب أن عدد المشركين يوم بدر ألف، وعدد المسلمين ثلثمائة وسبعة عشر رجلاً، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى ذلك استقبل القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: " اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض "، فما زال يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبية ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل هذه الآية (١).

(فاستجاب لكم) عطف على (تستغيثون) داخل معه في التذكير وهو وإن كان مستقبلاً فهو بمعنى الماضي ولهذا عطف عليه استجاب (أني) أي بأني (ممدكم) بوعدي إياكم بالإمداد وذلك لأنه وقت الإجابة لم يحصل الإمداد بالفعل لأن الدعاء واستجابته كانا قبل وقوع القتال.

(بألف من الملائكة مردفين) قرئ بكسر الدال وفتحها وهما واضحتان لأنه يروى في التفسير أنه كان وراء كل ملك ملك رديفاً له، فقراءة الفتح تشعر بأن غيرهم أردفهم لركوبهم خلفهم وقراءة الكسر تشعر بأن الراكب خلف صاحبه قد أردفه فصح التعبير باسم الفاعل تارة واسم المفعول أخرى.

وجعل أبو البقاء مفعول مردفين بالكسر محذوفاً أي مردفين أمثالهم، ويجوز أن يكون معنى الإرداف المجيء بعد الأوائل أي جعلوا ردفاً للأوائل، قاله السمين.


(١) مسلم/١٧٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>