للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها (١)، قال يحيى بن معاذ الرازي التوحيد لم يعجز عن هدم ما قبله من كفر، فكيف يعجز عن هدم ما بعده من ذنب.

(وإن يعودوا) إلى القتال والعداوة أو إلى الكفر الذي هم عليه، ويكون العود بمعنى الاستمرار، وفي الجمل العود يشعر بسبق التلبس بالشيء الذي حصل العود اليه، فالمعنى وإن يرتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ويرجعوا إلى الكفر وقتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجواب الشرط محذوف تقديره ننتقم منهم بالعقاب والعذاب.

وقوله: (فقد مضت سنة الأولين) تعليل للمحذوف ولا يصلح للجوابية كما لا يخفي أي سبقت واستقرت سنة الله في إهلاك أعدائه ونصر أوليائه.

وهذه العبارة مشتملة على الوعيد والتهديد والتمثيل بمن أهلك من الأمم في سالف الدهر بعذاب الله، أي قد مضت سنة الله فيمن فعل مثل فعل هؤلاء من الأولين من الأمم أن يصيبه بعذاب فليتوقعوا مثل ذلك.

عن مجاهد قال: فقد مضت سنة الأولين في قريش وغيرها يوم بدر والأمم قبل ذلك، وقد فسر كثير من السلف هذه الآية بما مضى في الأمم المتقدمة من عذاب من قاتل الأنبياء وصمم على الكفر، وقال السدي ومحمد ابن إسحاق: المراد بالآية يوم بدر، وترسم سنت هذه بالتاء المجرورة وكذا الثلاثة التي في فاطر، وكذا التي في آخر غافر والإضافة على معنى في.


(١) الإمام أحمد ٤/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>