للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمصرف لا لوجوب استيعاب الأصناف، وبان في إسناد الحديث: عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإفريقي وهو ضعيف.

ومما يؤيد ما ذهب إليه الآخرون قوله تعالى: (إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) والصدقة تطلق على الواجبة كما تطلق على المندوبة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم (١).

وقد ادعى مالك الإجماع على القول الآخر. قال ابن عبد البر: يريد إجماع الصحالة فإنه لا يعلم له مخالفاً منهم وقدم الفقراء لأنهم أحوج من البقية على المشهور لشدة فاقتهم وحاجتهم.

وقد اختلف أهل العلم في الفرق بين الفقير والمسكين على أقوال، فقال يعقوب ابن السكيت والقتيبي ويونس بن حبيب: إن الفقير أحسن حالاً من المسكين. قالوا لأن الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويقيمه، والمسكين الذي لا شيء له، وذهب إلى هذا قوم من أهل الفقه منهم أبو حنيفة.

وقال آخرون بالعكس فجعلوا المسكين أحسن حالاً من الفقير، واحتجوا بقوله تعالى: (أما السفينة فكانت لمساكين) فأخبر أن لهم سفينة من سفن البحر وربما ساوت جملة من المال ويؤيده تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفقر مع قوله: " اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين " وإلى هذا ذهب الأصمعي وغيره من أهل اللغة وحكاه الطحاوي عن الكوفيين وهو أحد قولي الشافعي وأكثر أصحابه. وقال قوم أن الفقير والمسكين سواء لا فرق بينهما وهو أحد قولي الشافعي وإليه ذهب ابن القاسم وسائر أصحاب مالك وبه قال أبو يوسف.

وقال قوم: الفقير المحتاج المتعفف والمسكين السائل، قاله الأزهري


(١) الإمام أحمد ٥/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>