للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طريق الاستعارة كقول ابن الرومي:

وما الخسف أن تلقى أسافل بلدة ... أعاليها بل أن تسود الأراذل

وهي بدل من الذين بدل بعض من كل، فقوله: وعاد إلى آخر المعطوفات كلها على قوم نوح لا على نوح غير أن الأخير وهو المؤتفكات على حذف مضاف كما قدرنا إذ هي القرى، وليست من الذين خلوا حتى تكون من جملة البدل، وسميت مؤتفكات لأنها انقلبت بهم حتى صار عاليها سافلها، والائتفاك الانقلاب يقال أفكه إذا قلبه وبابه ضرب، ويقال أفكته فائتفك أي قلبته فانقلب، والمادة تدل على التحول والصرف، ومنه (يؤفك عنه من أفك) أي يصرف.

(آتتهم) استئناف لبيان نبأهم (رسلهم) أي رسل هذه الطوائف الست، وقيل رسل أصحاب المؤتفكات لأن رسولهم لوط وقد بعث إلى كل قرية من قراهم رسولاً (بالبينات) أي المعجزات الباهرات والحجج الواضحات الدالة على صدقهم فكذبوهم وخالفوا أمرنا، فاحذروا أن يصيبكم مثل ما أصابهم، والفاء في (فما كان الله ليظلمهم) للعطف على مقدر يدل عليه الكلام، أي فكذبوهم فأهلكهم الله فما ظلمهم بذلك ولم يعجل العقوبة لهم، لأنه قد بعث إليهم رسله فأنذروهم وحذروهم.

(ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بسبب ما فعلوه من الكفر بالله وعدم الانقياد لأنبيائه، وهذا التركيب يدل على أن ظلمهم لأنفسهم كان مستمراً. وقيل تقديم المفعول لمجرد الاهتمام به مع مراعاة الفاصلة من غير قصد إلى قصر المظلومية عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>