للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سرية إلى الكفار ينفرون جميعاً ويتركون المدينة خالية، فأخبرهم الله سبحانه بأنه ما كان لهم ذلك، أي ما صح ولا استقام أن ينفروا جميعاً.

(فلولا) تحضيضية فالمعنى على الطلب أي فهلا (نفر من كل فرقة منهم طائفة) الطائفة في اللغة الجماعة، أي بل ينفر من كل فرقة منهم طائفة من تلك الفرق، ويبقى من عدا هذه الطائفة النافرة، قالوا ويكون الضمير في قوله: (ليتفقهوا في الدين) عائداً إلى الفرقة الباقية، والمعنى أن طائفة من هذه الفرقة تخرج إلى الغزو ومن بقي من الفرقة يقفون لطلب العلم ويعلمون الغزاة أو يذهبون في طلبه إلى المكان الذي يجدون فيه من يتعلمون منه ليأخذوا عنه الفقه في الدين.

(ولينذروا قومهم) عطف علة ففيه إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون غرض المتعلم الاستقامة وتبليغ الشريعة لا الترفع على العباد والتبسط في البلاد كما هو دأب أبناء الزمان (إذا رجعوا) أي وقت رجوعهم (إليهم) من الغزو.

وذهب آخرون إلى أن هذه الآية ليست من بقية أحكام الجهاد، وهي حكم مستقل بنفسه في مشروعية الخروج لطلب العلم والتفقه في الدين، جعله الله سبحانه متصلاً بما دل على إيجاب الخروج إلى الجهاد فيكون السفر نوعين (الأول) سفر الجهاد (والثاني) السفر لطلب العلم، ولا شك أن وجوب الخروج لطلب العلم إنما يكون إذا لم يجد الطالب من يتعلم منه في الحضر من غير سفر.

والفقه هو العلم بالأحكام الشرعية وبما يتوصل به إلى العلم بها من لغة ونحو وصرف وبيان وأصول، وقد جعل الله سبحانه الغرض من هذا هو التفقه في الدين وإنذار من لم يتفقه، فجمع بين المقصدين الصالحين والمطلبين الصحيحين، وهما تعلم العلم وتعليمه، فمن كان غرضه بطلب العلم غير هذين فهو طالب لغرض دنيوي لا لغرض ديني.

(لعلهم يحذرون) الترجي لوقوع الحذر منهم عن التفريط فيما يجب

<<  <  ج: ص:  >  >>