للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود (فهلا قرية) وفي هذا التحضيض معنى التوبيخ والنفي فوبخ الله أهل القرى المهلكة قبل يونس على عدم إيمانهم قبل نزول العذاب بهم، والمعنى فهلا قرية واحدة من هذه القرى التي أهلكناها آمنت إيماناً معتداً به نافعاً وذلك بأن يكون خالصاً لله قبل معاينة عذابه ولم تؤخره كما أخره فرعون.

(فنفعها إيمانها) في حال اليأس (إلا قوم يونس) استثناء منقطع من القرى لأن المراد أهلها، والمعنى لكن قوم يونس، وقد قال بأن هذا الاستثناء منقطع جماعة من الأئمة منهم الكسائي والأخفش والفراء، وقيل متصل، والجملة في معنى النفي، كأنه قيل ما آمنت قرية من القرى الهالكة إلا قوم يونس، قال ابن جرير: خص قوم يونس من بين الأمم بأن تيب عليهم من بعد معاينة العذاب، وحكى ذلك عن جماعة من المفسرين.

وقال الزجاج: أنه لم يقع العذاب وإنما رأوا العلامة التي تدل على العذاب، ولو رأوا عين العذاب لما نفعهم الإيمان، وهذا أولى من قول ابن جرير.

(لما آمنوا) إيماناً معتداً به قبل معاينة العذاب حين رؤية أَماراته أو عند أول المعاينة قبل حلوله بهم (كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا) هو العذاب الذي كان قد وعدهم يونس أنه سينزل عليهم ولم يروه أو الذي قد رأوا علاماته دون عينه (ومتعناهم إلى حين) أي بعد كشف العذاب عنهم متعهم الله في الدنيا إلى حين معلوم قدره لهم أي إلى وقت انقضاء آجالهم.

قال قتادة: لم يكن هذا في الأمم قبل قوم يونس لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين عاينت العذاب إلا قوم يونس، وذكر لنا أن قومه كانوا بنينوى من أرض الموصل فلما فقدوا نبيهم قذف الله في قلوبهم التوبة، وبحث في ذلك الزجاج فقال: أنه لم يقع بهم العذاب وإنما رأوا علامته ولو رأوا عين العذاب لما نفعهم الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>