للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجتمعين على الإيمان لا يتفرقون فيه ويختلفون، ولكنه لم يشأ ذلك لكونه مخالفاً للمصلحة التي أرادها الله سبحانه.

قال الأخفش: جاء بقوله جميعاً بعد كلهم للتأكيد كقوله (لا تتخذوا إلهين اثنين) وقيل أتى به مع إن كُلاًّ منهما يفيد الإحاطة والشمول للدلالة على أن وجود الإيمان منهم بصفة الاجتماع الذي لا يدل عليه كلهم، ذكره الكرخي.

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على إيمان جميع الناس أخبره الله بأن ذلك لا يكون لأن مشيئته الجارية على الحكمة البالغة والمصالح الراجحة لا تقتضي ذلك فقال (أفأنت تكره الناس) استفهام تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم أي أتكرههم بما لم يشأه الله منهم.

(حتى يكونوا مؤمنين) فإن ذلك ليس في وسعك يا محمد ولا داخل تحت قدرتك، وفي هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم ودفع لما يضيق به صدره من طلب صلاح الكل الذي لو كان لم يكن صلاحاً محققاً بل يكون إلى الفساد أقرب، ولله الحكمة البالغة وإيلاء الاسم حرف الاستفهام للإعلام بأن الإكراه ممكن مقدور عليه، وإنما الشأن في المكره من هو وما هو إلا هو وحده لا يشارك فيه لأنه هو القادر على أن يخلق في قلوبهم ما يضطرون عنده إلى الإيمان وذلك غير مستطاع للبشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>