للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم (وهو أرحم الراحمين) يرحم عباده رحمة لا يتراحمون بها فيما بينهم فيجازي محسنهم ويغفر لمسيئهم.

قال عطاء الخراساني: طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ ألم تر إلى قول يوسف عليه السلام (لا تثريب عليكم اليوم) وقال يعقوب (سوف أستغفر لكم ربي).

أقول وفي هذا الكلام نظر فإنهم طلبوا من يوسف عليه السلام أن يعفو عنهم لقولهم (لقد آثرك الله علينا) فقال (لا تثريب عليكم اليوم) لأن مقصودهم صدور العفو منه عنهم وطلبوا من أبيهم يعقوب أن يستغفر الله لهم وهو لا يكون إلا بطلب ذلك منه إلى الله عز وجل وبين المقامين فرق، فلم يكن وعد يعقوب لهم بخلاً عليهم بسؤال الله لهم ولا سيما إذا صح ما تقدم من أنه أخر ذلك إلى وقت الإجابة فإنه لو طلبه لهم في الحال لم يحصل له علم بالقبول.

وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: لما كان من أمر إخوة يوسف عليه السلام ما كان كتب يعقوب إلى يوسف عليه السلام وهو لا يعلم أنه يوسف عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو: أما بعد فإنّا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء كان جدي إبراهيم خليل الله ألقي في النار في طاعة ربه فجعلها الله عليه برداً وسلاماً، وأمر الله جدي أن يذبح له أبي (١) ففداه الله بما فداه، وكان لي ابن وكان أحب الناس إليَّ ففقدته فأذهب حزني عليه نور بصري وكان له أخ من أمه كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري فأذهب على بعض وجدي وهو المحبوس عندك في السرقة وإني أخبرك لم أسرق، ولم ألد سارقاً، فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب بكى وصاح وقال:


(١) الصحيح والقول الراجح أن الذبيح هو نبي الله إسماعيل وهو الابن الأكبر للخليل صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>