للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم قال: " الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم " (١).

وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف: صنف مشاة وصنف ركباناً وصنف على وجوههم "، قيل يا رسول الله كيف يمشون على وجوههم، قال: " إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما إنهم يتقون بوجوهم كل حدب وشوك " (٢) والحدب ما ارتفع من الأرض وفي الباب أحاديث.

(عمياً وبكماً وصماً) النصب على الحال والأبكم الذي لا ينطق، والأصم الذي لا يسمع أي لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون، وهذه هيئة يبعثون عليها في أقبح صورة وأشنع منظر، قد جمع الله لهم بين عمى البصر وعدم النطق وعدم السمع مع كونهم مسحوبين على وجوههم، وقد أثبت الله تعالى لهم الرؤية والكلام والسمع في قوله (ورأى المجرمون النار) وقوله (دعوا هنالك ثبوراً) وقوله (سمعوا لها تغيظاً وزفيراً).

فالمعنى هنا عمياً لا يبصرون ما يسرهم بُكماً لا ينطقون بحجة صماً لا يسمعون ما يلذ مسامعهم وقيل هذا حين يقال لهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون وقيل يحشرون على ما وصفهم الله ثم تعاد إليهم هذه الأشياء بعد ذلك ثم من وراء ذلك (مأواهم) أي المكان الذي يأوون إليه (جهنم) مستأنفة أو حال من الضمير، قال ابن عباس: يعني أنهم وقودها.

(كلما خبت) أي سكن لهبها بأن أكلت جلودهم ولحومهم، يقال خبت النار تخبو خبواً إذا خمدت وسكن لهبها زاد السمين فإذا ضعف جمرها خمدت


(١) مسلم ٢٨٠٦ بلفظ: " أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا، قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة " البخاري ٢٠٢٨.
(٢) الترمذي تفسير سورة ١٧/ ٣ - الإمام أحمد ٢/ ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>