للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ما) أي شيء ثبت (لهذا الكتاب) حال كونه (لا يغادر) لا يترك معصية (صغيرة ولا) معصية (كبيرة إلا أحصاها) أي عدها وحواها وضبطها وأثبتها، قال ابن عباس: الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك، وفي لفظ عنه الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين والكبيرة القهقهة بذلك، وقال سعيد بن جبير الصغيرة الهم والمس والقبلة والكبيرة الزنا.

وأقول صغيرة وكبيرة نكرتان في سياق النفي فيدخل تحت ذلك كل ذنب يتصف بالصغر وكل ذنب يتصف بالكبر فلا يبقى شيء من الذنوب إلا أحصاه الله وما كان من الذنوب ملتبساً بين كونه صغيراً أو كبيراً فذلك إنما هو بالنسبة إلى العباد لا بالنسبة إلى الله سبحانه، وهذا لا ينافي قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) الآية. إذ لا يلزم من العد عدم التكفير إذ يجوز أن تكتب الكبائر ليشاهدها العبد يوم القيامة ثم تكفر عنه فعلم قدر نعمة العفو عليه، قاله الكرخي والاستفهام للتعجب منه في ذلك.

(ووجدوا ما عملوا) في الدنيا من المعاصي الموجبة للعقوبة أو وجدوا جزاء ما عملوا (حاضراً) مكتوباً مثبتاً في كتابهم (ولا يظلم ربك أحداً) أي لا يعاقب أحداً من عباده بغير ذنب وجرم ولا ينقص فاعل الطاعة من أجره الذي يستحقه وإنما سمي هذا ظلماً بحسب عقولنا لو خليت ونفسها ولو فعله الله لم يكن ظلماً في حقه لأنه لا يسئل عما يفعل.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات: فأما عرضتان فجدال ومعاذير، وأما العرضة الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " (١) أخرجه الترمذي وقال: لا يصح من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى.


(١) الترمذي كتاب القيامة باب ٤ - الإمام أحمد ٤/ ٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>