للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكذب الدجال وفيه نظر، وقيل كان من بني إسرائيل أو من أبناء الملوك تزهد وترك الدنيا، وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء " (١) والخضر بكسر الخاء مع سكون الضاد وبفتح الخاء مع سكون الضاد وكسرها ففيه لغات ثلاثة، وهذا لقبه وكنيته أبو العباس.

ثم وصفه الله سبحانه فقال (آتيناه رحمة من عندنا) قيل الرحمة هي النبوة والهداية قاله ابن عباس، وقيل؛ النعمة التي أنعم الله بها عليه وهي الولاية وعليه الأكثر والجمهور من العلماء على أنه حي إلى يوم القيامة لشربه من ماء الحياة، والأصح ما ذهب إليه أهل الحديث من عدم حياته والله أعلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الرد على المنطقيين:

ومن ملاحدة المتصوفة من يزعم أن أرسطو كان هو الخضر خضر موسى وقولهم هذا من أظهر الكذب البارد، والخضر على الصواب مات قبل ذلك بزمان طويل، والذين يقولون إنه حي كبعض العباد وبعض العامة وكثير من اليهود والنصارى غالطون في ذلك غلطاً لا ريب فيه، وسبب غلطهم أنهم يرون في الأماكن المنقطعة وغيرها من يظن أنه من الزهاد ويقول إنه الخضر، ويكون ذلك شيطاناً قد تمثل بصورة آدمي.

وهذا مما علمناه في وقائع كثيرة حتى في المكان الذي كتبت فيه هذا عند الربوة بدمشق رأى شخص بين الجبلين صورة رجل قد سد ما بين الجبلين وبلغ رأسه رأس الجبل وقال أنا الخضر وأنا نقيب الأولياء وقال للرجل الرائي أنت رجل صالح وأنت وليّ الله ومدَّ يده إلى فأس كان الرجل نسيه في مكان وهو ذاهب إليه فناوله إِياه وكان بينه وبين ذلك المكان نحو ميل؛ ومثل هذه الحكاية كثيرة.


(١) البخاري كتاب الأنبياء باب ٢٧ - الترمذي تفسير سورة ١٨/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>