للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر الأول لكون القتل لا يمكن تداركه بخلاف نزع اللوح من السفينة فإنه يمكن تداركه بإرجاعه. وقيل النكر أقل من الإمر، لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة.

وعن قتادة قال: النكر أنكر من العجب، قيل استبعد موسى أن يقتل نفساً بغير نفس ولم يتأول للخضر بأنه يحل القتل بأسباب أخر. عن أبي العالية عند ابن المنذر وابن أبي حاتم قال: كان الخضر عبداً لا تراه الأعين إلا من أراد الله أن يريه إياه، فلم يره من القوم إلا موسى، ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل الغلام.

وأقول ينبغي أن ينظر من أين له هذا، فإن لم يكن مستنده إلا قوله " ولو رآه القوم الخ " فليس ذلك بموجب لما ذكره أما أولاً فإن من الجائز أن يفعل ذلك من غير أن يراه أهل السفينة وأهل الغلام لا لكونه لا تراه الأعين، بل لكونه فعل ذلك من غير اطلاعهم.

وأما ثانياً فيمكن أن أهل السفينة وأهل الغلام قد عرفوه؛ ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول، وعرفوا أنه لا يفعل ذلك إلا بأمر من الله كما يفعل الأنبياء فسلموا الأمر لله. وعن عطاء قال: كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان فكتب إليه إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم، وفي لفظ ولكنك لا تعلم، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم فاعتزلهم.

وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبىّ بن كعب عنِ النبي

صلى الله عليه وسلم قال: " الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافراً، ولو

أدرك لأرهق بأبويه طغياناً وكفراً ". (١)


(١) مسلم ٢٦٦١ - أبو داوود كتاب السنة باب ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>