للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (١٩١)

(واقتلوهم حيث ثقفتموهم) يقال ثقف يثقف ثقفاً ورجل ثقيف إذا كان محكماً لما يتناوله من الأمور، قال في الكشاف: والثقف وجود على وجه الأخذ والغلبة، ومنه رجل ثقف سريع الأخذ لأقرانه انتهى.

قال أبو السعود: أصل الثقف الحذق في إدراك الشيء علماً أو عملاً وفيه معنى الغلبة، قال ابن جرير: الخطاب للمهاجرين والضمير لكفار قريش انتهى والمعنى واقتلوهم حيث وجدتموهم وأدركتموهم في الحل والحرم وإن لم يبتدؤكم، وتحقيق القول فيه أن الله تعالى أمر بالجهاد في الآية الأولى بشرط إقدام الكفار على القتال، وفي هذه الآية أمرهم بالجهاد معهم سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا واستثنى منه المقاتلة عند المسجد الحرام.

(وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) أي أخرجوهم من مكة، وقد امتثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر ربه فأخرج من مكة من لم يسلم عند أن فتحها الله عليه (والفتنة أشد من القتل) أي الفتنة التي أرادوا أن يفتنوكم بها وهي رجوعكم إلى الكفر أشد من القتل، وقيل المراد بالفتنة المحنة التي تنزل بالإنسان في نفسه أو أهله أو ماله أو عرضه، وقيل المراد بالفتنة الشرك الذي عليه المشركون لأنهم كانوا يستعظمون القتل في الحرم، فأخبرهم الله أن الشرك الذي هم عليه أشد مما يستعظمونه، وقيل المراد فتنتهم إياكم بصدكم عن المسجد الحرام أشد من قتلكم إياهم في الحرم أو من قتلهم إياكم إن قتلوكم، والظاهر أن المراد الفتنة في الدين بأي سبب كان وعلى أي صورة اتفق فإنها أشد من القتل لأنه يؤدي إلى الخلود في النار، والقتل ليس كذلك ولذا جعل أشد منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>