للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموازين، لأن الميزان قد يكون مستقيماً، وقد يكون غير مستقيم، فبين الله أن تلك الموازين تجري على حد العدل.

وقرئ القصط بالصاد والطاء، وأما ماهية جرمه من أي الجوهر، وأنه موجود الآن أو سيوجد فنمسك عن تعيينه ولا يكون الوزن في حق كل أحد، لأن من لا حساب عليه لا يوزن له كالأنبياء والملائكة، والوزن يكون للمكلفين من الجن والإنس، وقد يوزن العبد نفسه " كما ورد عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) لرجل عبد الله بن مسعود في الميزان أثقل من جبل أحد " (١) " ومن مات له ولد يجعل ذلك الولد في الميزان " (٢) وكيفيته ثقلا وخفة مثلها في الدنيا.

(فلا تظلم نفس شيئاً) أي لا ينقص من إحسان محسن ولا يزاد في إساءة مسيء (وإن كان مثقال حبة من خردل) أي إن كان العمل المدلول عليه بوضع الموازين مثقال حبة، كذا قال الزجاج.

وقال أبو علي الفارسي: وإن كان الظلامة مثقال حبة، قال الواحدي: وهذا أحسن لتقدم قوله: فلا تظلم نفس شيئاً، وقرئ برفع (مثقال) على أن كان تامة أي إن وقع أو أن وجد مثقال حبة، ومثقال الشيء ميزانه أي وإن كان في غاية الخفة والقلة والحقارة، فإن حبة الخردل مثل في الصغر.

(أتينا بها) أي أحضرناها وجئنا بها أي بموزونها للمجازاة عليها، وقرئ آتينا بالمد على معنى جازينا بها يقال آتى يؤاتي مؤاتاة جازى (وكفى بنا حاسبين) أي مُحْصِين في كل شيء، والحسب في الأصل معناه: الْعَدّ، وقيل عالمين لأن من حسب شيئاً علمه وحفظه، وقيل مجازين على ما قدموه من خير وشر والغرض منه التحذير، فإن المحاسب إذا كان في العلم بحيث لا يمكن


(١) الإمام أحمد ١/ ١١٤ - ١/ ٤٢١ - ٥/ ١٣١.
(٢) البخاري كتاب الجنائز باب ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>