للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(والنجم إذا هوى) فأخذها يقرأها عليهم حتى بلغ قوله: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. وكان ذلك التمني في نفسه، فجرى على لسانه مما ألقاه الشيطان عليه: تلك الغرانيق (١) العلى، وإن شفاعتهن لترتجى، فلما سمعت قريش ذلك فرحوا، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته حتى ختم السورة، فلما سجد في آخرها سجد معه جميع من في النادي من المسلمين والمشركين فتفرقت قريش مسرورين بذلك وقالوا قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر، فأتاه جبريل فقال ما صنعت؟ تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاف خوفاً شديداً فأنزل الله هذه الآية، هكذا قالوا.

ولم يصح شيء من هذا ولا ثبت بوجه من الوجوه؛ ومع عدم صحته بل بطلانه فقد دفعه المحققون بكتاب الله سبحانه، حيث قال الله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين)، وقوله: (وما ينطق عن الهوى).

وقوله: (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم) فنفى المقاربة للركون فضلاً عن الركون.

قال البزار: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) بإسناد متصل.


(١) هذه الرواية أدخلها على الإسلام يهودي تجلى الغموض عنه وإن وثقه بعض الناس؛ فإن هذه الرواية تشجب هذا التوثيق وتحجبه؛ ذلك أن ابن سعد في الطبقات يرويها عن رجل يدعى عبد الله بن حنطب ليس له صحبة، والطبري يرويها عن محمد بن كعب القرظي، كان أبوه من سبي بني قريظة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلقه لأنه رآه دون البلوغ، فتزوج وخلّف محمداً هذا وقد ولد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا ندرك أن هذه الرواية لم يجرؤ واحد على إسنادها لأحد الصحابة رضوان الله عليهم، وربما تكون قد دست من طريق بني قريظة وكان إرسالهم إياها عن طريق ابن حنطب وابن كعب. ويأتي بعد هذا ابن السائب الكلبي والواقدي فيرويانها عن ابن عباس؛ وحسبك فهما كذابان بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>