للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجمع المسلمون على أنّ المراد بما في الآية ما وقع من الإفك على عائشة أم المؤمنين، وإنما وصفه الله بأنه إفك لألن المعروف من حالها رضي الله عنها خلاف ذلك. قال الواحدي: ومعنى القلب في هذا الحديث الذي جاء به أولئك النفر أن عائشة كانت تستحق الثناء بما كانت عليه من الحصانة والشرف والعقل والديانة وعلو النسب والسبب والعفة لا القذف، فالذين رموها بالسوء قلبوا الأمر عن وجهه فهو إفك قبيح وكذب ظاهر.

(عصبة منكم) العصبة الجماعة من العشرة إلى الأربعين، والمراد بهم هنا عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم. وقيل العصبة من الثلاثة إلى العشرة. وقيل من عشرة إلى خمسة عشر، وأصلها في اللغة الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض.

وقد أخرج البخاري ومسلم وأهل السنن وغيرهم حديث عائشة الطويل في سبب نزول هذه الآيات بألفاظ متعددة وطرق مختلفة، حاصله أن سبب النزول هو ما وقع من أهل الإفك الذين تقدم ذكرهم في شأن عائشة، وذلك أنها خرجت من هودجها تلتمس عقداً لها انقطع من جزع، فرحلوا وهم يظنون أنها في هودجها فرجعت وقد ارتحل الجيش والهودج معهم، فأقامت في ذلك المكان ومرّ بها صفوان بن المعطل وكان متأخراً عن الجيش فأناخ راحلته وحملها عليها، فلما رأى ذلك أهل الإفك قالوا ما قالوا، فبرأها الله مما قالوا: هذا حاصل القصة مع طولها وتشعب أطرافها فلا نطول بذكر ذلك.

وجملة (لا تحسبوه شراً لكم) إن كانت خبراً لـ (إن) فظاهر، وإن كان الخبر (عصبة) فهي مستأنفة خوطب بها النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة وأبو بكر وصفوان بن المعطل الذي قذف مع عائشة أم المؤمنين وتسلية لهم، والضمير المنصوب للإفك، والشر ما زاد ضره على نفعه.

(بل هو خير لكم) الخير ما زاد نفعه على ضره، وأما الخير الذي لا

<<  <  ج: ص:  >  >>