للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨)

(إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله) الهجرة معناها الانتقال من موضع إلى موضع وترك الأول لإيثار مكاني، والهجر ضد الوصل، والتهاجر التقاطع والمراد بها هنا الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، والمجاهدة استخراج الجهد، والجهاد والتجاهد بذل الوسع.

(أولئك يرجون) أي يطمعون، وإنما قال يرجون بعد تلك الأوصاف المادحة التي وصفهم بها لأنه لا يعلم أحد في هذه الدنيا أنه صائر إلى الجنة ولو بلغ في طاعة الله كل مبلغ، والرجاء الأمل يقال رجوت فلاناً أرجوه رجاء وهو ضد اليأس.

وقد يكون الرجاء بمعنى الخوف كما في قوله تعالى (ما لكم لا ترجون لله وقاراً) أي لا تخافون عظمة الله، وهل إطلاقه عليه بطريق الحقيقة أو المجاز، زعم قوم أنه حقيقة ويكون من الاشتراك اللفظي، وزعم قوم أنه من الأضداد فهو اشتراك لفظي أيضاً.

وقال ابن عطية: الرجاء أبداً معه خوف كما أن الخوف معه رجاء، وزعم قوم أنه مجاز للتلازم الذي ذكرناه، قال قتادة أثنى الله على أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الثناء في هذه الآية وهم خيار هذه الأمة ثم جعلهم أهل رجاء ومن رجا طلب ومن خاف هرب.

(رحمت الله) أخبر أنهم على رجاء الرحمة وقد كتبت (رحمة) هنا بالتاء وهي في القرآن في سبعة مواضع (والله غفور) لذنوب عباده (رحيم) بهم بإجزال الأجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>