للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها النظر هم أحق بها من غيرهم، وأولى بذلك ممن سواهم، وقيل: إن في الآية دليلاً على أن الكفار غير مخاطبين بالشرعيات كما يقوله بعض أهل العلم، وفي الكلام حذف، والتقدير: قل للمؤمنين غضوا يغضوا، ومعنى غض البصر إطباق الجفن على العين بحيث يمنع الرؤية، و (من) هي التبعيضية، وإليه ذهب الأكثرون وعليه اقتصر القاضي كالكشاف، وبينوه بأن المعنى غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل.

وقيل وجه التبعيض أنه يعفى للناظر، أول نظرة تقع من غير قصد، وقال الأخفش: إنها زائدة، وأنكر ذلك سيبويه. وقيل: إنها لبيان الجنس قاله أبو البقاء، واعترض عليه بأنه لم يتقدم مبهم حتى يكون مفسراً بـ (من) وقيل إنها لابتداء الغاية، قاله ابن عطية، وعليه اقتصر أبو حيان في النهر، وقيل: الغض: النقصان، يقال: غض فلان من فلان، أي: وضع منه. فالبصر إذاً لم يمكن من عمله فهو مغضوض منه، ومنقوص، فتكون (من) صلة للغض، وليست لمعنى من تلك المعاني الأربعة، وفي هذه الآية دليل على تحريم النظر إلى غير من يحل النظر إليه.

قال ابن عباس: يغضوا أبصارهم يعني. من شهواتهم، مما يكره الله. وأخرج أبو داود، والترمذي، والبيهقي في سننه، عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك وليست لك الأخرى " (١).

وفي مسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، عن جرير البجلي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف (٢). وفي الصحيحين؛ وغيرهما؛ من حديث أبي سعيد قال: قال


(١) أبو داوود كتاب النكاح باب ٤٣ - الترمذي كتاب الأدب ٢٨.
(٢) مسلم ٢١٥٩ - الترمذي كتاب الأدب باب ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>