للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلبه، ومنها انضمام القرائن الحالية إلى الدلالات اللفظية فإنه يعين على البلاغة ثم رد الله سبحانه عليهم فقال:

(كذلك) إشارة إلى ما يفهم من كلامهم أي مثل ذلك التنزيل المفرّق، الذي قدحوا فيه واقترحوا خلافه نزلناه (لنثبت) لنقوي (به) أي بهذا التنزيل على هذه الصفة (فؤادك) فإن إنزاله مفرقاً منجماً، على حسب الحوادث، أقرب إلى حفظك له وفهمك لمعانيه، وذلك من أعظم أسباب التثبيت، وقرأ ليثبت بالتحتية أي الله سبحانه.

وقيل قوله: (كذلك) هي من تمام كلام المشركين، والمعنى كذلك أي كالتوراة والإنجيل والزبور فيوقف على قوله: (كذلك) ثم يبتدأ بقوله: (لنثبت به فؤادك) على معنى أنزلناه عليك متفرقاً لهذا الغرض. قال ابن الأنباري: وهذا أجود وأحسن قال النحاس: وكان ذلك أي إنزال القرآن منجماً من إعلام النبوة لأنهم لا يسألونه عن شيء إلا أجيبوا عنه، وهذا لا يكون إلا من نبي، فكان ذلك تثبيتاً لفؤاده وأفئدتهم. قال ابن عباس: أي لنشدد به فؤادك، ونربط على قلبك، والمعنى أنزلناه مفرقاً لتعيه وتحفظه. فإن الكتب المتقدمة نزلت على أنبياء يكتبون ويقرؤون، وأنزل القرآن على نبي إمي لا يكتب ولا يقرأ، ولأن من القرآن الناسخ والنسوخ، ومنه ما هو جواب سؤال عن أمور تحدث في الأوقات المختلفة، ففرقناه ليكون أدعى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأيسر على العامل به.

(ورتلناه ترتيلاً) بديعاً، لا يقادر قدره ومعنى الترتيل أن تكون آية بعد آية، قاله النخعي والحسن وقتادة. وقيل إن المعنى بيناه تبييناً، وقال السدي: فصلناه تفصيلاً، وقال ابن عباس: رسلناه ترسيلاً يقول شيئاًً بعد شيء وقال مجاهد: بعضه في إثر بعض قال ابن الأعرابي: ما أعلم الترتيل إلا التحقيق والتبيين، وقيل قرأناه عليك بلسان جبريل شيئاًً بعد شيء في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة على تؤدة وتمهل لتيسر فهمه وحفظه، ثم ذكر سبحانه أنهم محجوجون في كل أوان مدفوع قولهم بكل وجه وعلى كل حالة فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>