للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يقول أحد منا: لا أعلم ذلك، أي: لو كان موجوداً لعلمته إذا قامت قرينة، وهذا استعمال شائع في عرف العرب والعجم، عند العامة والخاصة، كيف! وكان المخذول يدعي الإلهية! فالظاهر أنه من الكناية لا من المجاز والمصنف إنما ذكر معلومية انتفاء العلم لانتفاء الوجود ليبين أن انتفاء العلم من روادف انتفاء الوجود انتهى. قال الشوكاني: وهو الذي خطر ببالي أنه الجواب، لكنه عارض ذلك الخاطر إشكالات لا يتسع لها المقام انتهى.

وقد أشار أبو السعود في تفسيره إلى الجواب عن هذا الإشكال فقال: وهذا من خواص العلوم الفعلية فإنها لازمة لتحقق معلوماتها، فيلزم من انتفائها انتفاء معلوماتها، ولا كذلك العلوم الانفعالية انتهى. وقد وافق على هذا القاضي، ولاح لك عن هذا جوابان (١):

الأول: أنه ذكر نفي العلم، وأراد نفي المعلوم بطريق الكناية على الوجه الذي ذكره السراج.

الثاني: تخصيص العلم بالفعلي لا الانفعالي، كما ذكره أبو السعود والبيضاوي.

والثالث: إن يراد بالوجود الوجود في ذهن المتكلم بتلك الكلمة، وفي كل جواب من هذه الأجوبة كلام لا يلتبس على العالم بالفن قال الخفاجي وعلى كل حال فكلام القاضي لا يخلو عن ضعف، والذي غره فيه كلام صاحب الانتصاف انتهى.

قال ابن عباس: لما قال فرعون هذا القول قال جبريل: يا رب طغى عبدك فأذن لي في هلكه، فقال: يا جبريل بل هو عبدي ولن يسبقني، له أجل يجيء ذلك الأجل، فلما قال: أنا ربكم الأعلى! قال الله: يا جبريل سبقت دعوتك في عبدي، وقد جاء أوان هلاكه.


(١) والأصح (ثلاث إجابات).

<<  <  ج: ص:  >  >>