للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السابق؛ الذي هو الإرادة الازلية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب خاص، ثم لما ذكر سبحانه تدبير الأمر قال:

(ثم يعرج) قرأ الجمهور على البناء للفاعل، وقرىء على البناء للمفعول والأصل يعرج به أي يرجع ذلك الأمر، ويعود ذلك التدبير والتصرف في المخلوقات بالحشر، والحساب، ووزن الأعمال، والتعذيب، والتنعيم، وغير ذلك مما يقع في ذلك اليوم (إليه) سبحانه (في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) قرأ الجمهور بالفوقية على الخطاب، وقرىء بالتحتية على الغيبة أي تعدونه من أيام الدنيا، وذلك باعتبار مسافة النزول من السماء، والطلوع من الأرض كما قدمنا. وقيل: إن المراد يعرج إليه في يوم القيامة الذي مقداره كذا من أيام الدنيا، وذلك حين ينقطع أمر الدنيا، ويموت من فيها وقيل هي أخبار أهل الأرض تصعد إليه مع من يرسله إليها من الملائكة، والمعنى: أنه يثبت ذلك عنده، ويكتب في صحف ملائكته ما عمله أهل الأرض في كل وقت من الأوقات إلى أن تبلغ مدة الدنيا آخرها. وقيل: المعنى يثبت في عمله موجوداً بالفعل في برهة من الزمان، هي مقدار ألف سنة والمراد طول امتداد ما بين تدبير الحوادث وحدوثها من الزمان.

وقيل: يدبر أمر الحوادث اليومية بإثباتها في اللوح المحفوظ فينزل بها الملائكة. ثم يعرج إليه في زمان هو كألف سنة من أيام الدنيا. وقيل يقضي قضاء ألف سنة فينزل به الملائكة، ثم يعرج بعد الألف لألف آخر. وقيل: المراد أن الأعمال التي هي طاعات يدبرها الله سبحانه، وينزل بها ملائكته، ثم لا يعرج منها إليه إلا الخالص بعد مدة متطاولة لقلة المخلصين من عباده.

وقيل الضمير في يعرج يعود إلى الملك، وإن لم يجر له ذكر لأنه مفهوم من السياق وقد جاء صريحاً في قوله: (تعرج الملائكة والروح إليه) والضمير في (إليه) راجع إلى السماء على لغة من يذكرها، أو إلى مكان الملك الذي يرجع

<<  <  ج: ص:  >  >>