للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بنصب) قرأ الجمهور بضم النون وسكون الصاد فقيل: هو جمع نصب بفتحتين نحو أسد وأسد، وقيل هو لغة في النصب نحو رشد ورشد وقرىء بضمتين، وبفتحتين وبفتح وسكون وهذه القراءات باختلاف اللغات. وقال أبو عبيدة: إن النصب بفتحتين التعب والإعياء، وعلى بقية القراءات الشر والبلاء.

(وعذاب) أي ألم، قال قتادة ومقاتل: النصب في الجسد والعذاب في المال، قال النحاس: وفيه بعد، كذا قال، والأولى تفسير النصب بالمعنى اللغوي وهو التعب والإعياء وتفسير العذاب بما يصدق عليه مسمى العذاب، وهو الألم وكلاهما راجع إلى البدن.

وقد أخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس خبراً طويلاً في قصة أيوب " أوله أن الشيطان عرج إلى السماء فقال: يا رب سلطني على أيوب، قال الله تعالى: لقد سلطتك على ماله وولده ولم أسلطك على جسده الحديث بطوله " (١)، وفيه نكارة شديدة فإن الله سبحانه لا يمكن الشيطان من نبي من أنبيائه ويسلطه عليه، هذا التسليط العظيم، وأسند المس إلى الشيطان مع أن الله سبحانه هو الذي مسه بذلك إما لكونه لما عمل بوسوسته عوقب على ذلك بذلك النصب والعذاب، فقد قيل إنه أعجب بكثرة ماله، وقيل استغاثه مظلوم فلم يغثه، وقيل إنه قال ذلك على طريقة الأدب وقيل إنه قال ذلك لأن الشيطان وسوس إلى أتباعه فرفضوه وأخرجوه من ديارهم وقيل المراد به ما كان يوسوسه الشيطان إليه حال مرضه وابتلائه من


(١) ذكر المؤلف (ص ١٧٥) بضعة تفاسير لقول أيوب (أني مسني الشيطان) فجاء التعليق هكذا: لماذا لا يكون مس الشيطان متصلاً بعمل أيوب كنبي ورسول إلى قومه حيث كان يوسوس لقومه فيكابرون وينقضون ما عقدوه مع أيوب من المواثيق، فكان عمل الشيطان له صلة مباشرة بإرهاق أيوب ومسه بالتعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>