للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحديث أبي هريرة خمساً، وقد سمعنا بمن زاد في الطنبور نغمة، ولم نسمع بمن زاد في الصور نفخة.

قال القرطبي: والذي يزيح الإشكال ما قاله بعض مشايخنا أن الموت ليس بعدم محض بالنسبة إلى الأنبياء والشهداء فإنهم موجودون أحياء، وإن لم نرهم، فإذا نفخت نفخة الصعق صعق كل من في السموات والأرض وصعق غير الأنبياء موت وصعقهم غشي، فإذا كانت نفخة البعث حيى من مات، وأفاق من غشي عليه، ولذا وقع في الصحيحين فأكون أول من يفيق، والأحاديث الواردة في كيفية نفخ الصور كثيرة، وقد ذكر سليمان الجمل في هذا المقام عن ابن الوردي وغيره ما جاء في صورة الصور وهيئته وتعداد نفخاته، ولا تعلق له بالتفسير.

(ثم نفخ فيه) نفخة (أخرى فإذا هم) يعني الخلق كلهم (قيام) على أرجلهم (ينظرون) ما يقال لهم، أو ينتظرون ذلك، والاستثناء ملاحظ في هذا أيضاًً لأن من لم يمت كالحور فلا يقال له ذلك، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين النفختين أربعون: قالوا أربعون يوماً؟ قال أبو هريرة أبيت، قالوا أربعون شهراً؟ قال: أبيت، قالوا أربعون سنة؟ قال: أبيت، ثم ينزل الله عز وجل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة " (١) أخرجه الشيخان.

ودلت الآية على أن النفخة اثنتان الأولى للموت، والثانية للبعث، والجمهور على أنها ثلاث، الأولى للفزع كما قال: ونفخ في الصور ففزع، والثانية للموت، والثالثة للإِعادة.


(١) سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>