للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زينب وعندي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلت عليّ فسبتني فردعها النبي صلى الله عليه وسلم فلم تنته، فقال لي سبيها فسببتها حتى جف ريقها في فمها ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل سروراً وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " المستبّان ما قالا من شيء فعلى البادىء حتى يعتدي المظلوم ثم قرأ (وجزاء سيئة مثلها) ".

(فمن عفا) الفاء للتفريع أي إذا كان الواجب في الجزاء رعاية المماثلة من غير زيادة، وهي عسرة جداً، فالأولى العفو والإصلاح إذا كان قابلاً للإصلاح، فلا يرد أنه يخالف قولهم الحلم على العاجز محمود، وعلى المتغلب مذموم، والمعنى من عفا عمن ظلمه.

(وأصلح) بالعفو بينه وبين ظالمه (فأجره على الله) أي يأجره على ذلك لا محالة، وأبهم الأجر تعظيماً لشأنه، وتنبيهاً على جلالته، قال مقاتل فكان العفو من الأعمال الصالحة، وقد بينا هذا في سورة آل عمران، والمقصود من الآية التحريض على العفو، وقد عرفت التوفيق بينه وبين الانتصار.

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة أمر الله منادياً ينادي ألا ليقم من كان له على الله أجر، فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا، وذلك قوله فمن عفا الآية.

وأخرج البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ينادي مناد من كان له أجر على الله فليدخل الجنة مرتين فيقوم من عفا عن أخيه قال الله تعالى: فمن عفى الآية ثم ذكر سبحانه خروج الظلمة عن محبته التي هي سبب الفوز والنجاة فقال (إنه لا يحب الظالمين) يعني من يبدأ بالظلم قاله مقاتل وبه قال سعيد بن جبير وقيل: لا يحب من يتعدى في الاقتصاص. ويجاوز الحد فيه لأن المجاوزة ظلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>