للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) أي رضي الله عنهم وقت تلك البيعة، وهي بيعة الرضوان وكانت بالحديبية، وهذه الشجرة هي سمرة كانت بها، وقيل: سدرة، وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشاً ولا يفروا وروي أنه بايعهم على الموت وأتى بصيغة المضارع لاستحضار صورة المبايعة والسمرة من شجر الطلح، وجمهور المفسرين على أن المراد بالطلح في القرآن الموز، وفي الصحيح عن ابن عمر أن الشجرة أخفيت، والحكمة في ذلك أن لا يحصل الافتتان بها لما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت لما أمن تعظيم الجهال لها، حتى ربما اعتقدوا أن لها قوة نفع أو ضر، كما نشاهده الآن فيما دونها، ولذلك أشار ابن عمر بقوله: كان خفاؤها رحمة من الله، كذا في الفتح وشرح المواهب.

وعن نافع قال: " بلغ عمر بن الخطاب أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، وقد تقدم ذكر عدد أهل هذه البيعة قريباً، والقصة مبسوطة في كتب الحديث والسير، وفي الباب أحاديث ذكرها الخازن وغيره (١)، والمعنى فعل بالراسخين في الإيمان فعل الراضي بما جعل لهم من الفتح، وما قدر لهم من الثواب، وأفهم ذلك أنه لم يرض عن الكافرين فخذلهم في الدنيا، مع ما أعد لهم في الآخرة، فالآية تقرير لما ذكر من جزاء الفريقين بأمور شاهدة، ولأجل هذا الرضا سميت بيعة الرضوان.


(١) ابن حجر في الفتح ٧/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>