للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والآية دلت على الحياء لأن الطرف حركة الجفن، والحبيبة لا تحرك جفنها ولا ترفع رأسها وقد تقدم هذا في سورة الصافات قال ابن عباس: قاصرات الطرف عن غير أزواجهن قال الرازي: وانظر إلى حسن هذا الترتيب فإنه بين أولاً المسكن وهو الجنة، ثم بين ما يتنزه به وهو البستان والعيون الجارية، ثم ذكر المأكول، ثم ذكر موضع الراحة بعد الأكل، وهو الفراش، ثم ذكر ما يكون في الفراش معه، ولما كان الإختصاص بالشيء من أعظم الملذذات قال:

(لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان) الضمير راجع إلى الأزواج المدلول عليهم بقاصرات الطرف، وقيل: يعود إلى المتكئين، والجملة نعت لقاصرات لأن إضافتها لفظية، كقوله: (هذا عارض ممطرنا) أو حال لتخصص النكرة بالإضافة قال الفراء: الطمث الإفتضاض، وهو النكاح بالتدمية، يقال: طمث الجارية إذا افترعها، وقيل: الطمث المس، أي: لم يمسسهن، قاله أبو عمرو وقال المبرد: أي لم يذللهن، والطمث التدليل، ومن استعمال الطمث فيما ذكره الفراء قول الفرزدق:

دفعن إليّ ولم يطمثن قبلي ... وهن أصح من بيض النعام

وفي السمين: أصل الطمث الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر، ثم أطلق على كل جماع طمث وإن لم يكن معه دم، وقيل: الطمث دم الحيض، أو دم الجماع، قال الواحدي: قال المفسرون: لم يطأهن ولم يغشهن ولم يجامعهن قبلهم أحد، ولم يتسلط عليهن، قال مقاتل: لأنهن خلقن في الجنة، وقيل: إنهن من نساء الدنيا أنشئن خلقاً آخر، أبكاراً، وقيل: هن الآدميات اللاتي متن أبكاراً، والأول أولى. قرأ الجمهور: يطمثهن بكسر الميم، وقرىء بضمها وبفتحها، وفي هذه الآية، بل في كثير من آيات هذه السورة، دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا بالله سبحانه، وعملوا بفرائضه، وانتهوا عن مناهيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>