للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاحهم، وخرج معهم صالح - صلى الله عليه وسلم - وهو يرجو إسلامهم فأتوا مكان مجمعهم فقضوا ما كانوا يحتاجون إليه يومهم ذلك فاعتزلهم صالح في ناحية قريباً من شجرة كانت يصلي ويعبد الله فلما كان في الغد اجتمعوا إليه باجمعهم، فأتوا صالحاً فتحدثوا عنده ما شاء الله، ثم نظروا إلى صخرة عظيمة منفردة في قاع أفيح فأعجبتهم فقالوا: يا صالح إن طلبنا منك أن تخرج لنا في هذه الهضبة - يعنون الصخرة - ناقة حمراء شعراء وبراء مهبرجة، والمهبرج من الإبل: يماشي كل النجب لها ضجيج وعجيج ورغاء شديد تفور لبناً سائغاً. فإن فعلت ذلك فعلنا لك ما عاهدناك عليه وإلا علمنا أنك كاذب. وإنما سألوا صالحاً ذلك استهزاء به فظنوا إنه لا يفعل ولا يكون منه ذلك ولا يقدر عليه. ولم يكن الله ليحقر نبيه - وهو القادر على ما يشاء - فقال لهم صالح: زيدوا لهم صالح: زيدوا فأعطوني في عهودكم ومواثيقكم على ذلك. فأعطوه ما وثق به، ثم قام صالح فصلى ما شاء الله، ثم رفع رغبة إلى الله ودعاه وتضرع إليه. فسمعت ابن عمك عبد الله بن عباس يقول: فبنيما هم على ذلك - وهم يدعون أصنامهم أن تحول بين صالح وبين ذلك - وهم ينظرون ما يفعل لصالح الهه وما تفعل لهم أصنامهم إذ نظروا إلى الصخرة تتحرك وترتعد من خشية الله تعالى، ثم اضطربت فنظروها تتمخض كما تمخض المرأة للولد، ثم انصدعت وتغلقت عن ناقة عظيمة على ما سألوا ووصفوا إلا أن الله عز وجل عظم خلقها على خلق كل دابة في الأرض فكانت كأنها طود عظيم رأسها كأعظم بعير، ثم أقبلت إلى جماعة القوم حتى ظنوا أنها مهلكتهم ونظروا إلى أمر عظيم

هالهم من أمر الله وعزته وقدرته. فلما رأى ذلك رئيسهم جندع بن عمرو خر لله ساجداً وسجد معه بشر كثير من عظمائهم وسفلتهم وأقر الله عين نبيه - عليه السلام - وصدق ظنه

<<  <   >  >>