للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هذا الجنس قول النابغة:

لعمري وما عمري عليَّ بهيّن ... لقد نطقت بطلاً عليّ الأفارعُ

فقوله (وما عمري علي بهين) من محمود الاعتراض ونادره، لما فيه من تفخيم المقسم به. وعلى نحو هذا جاء قول كثير:

لو أنّ الباخلين وأنت منهم ... رأوك تعلموا منك المطالا

فقوله (وأنت منهم) من الاعتراض الذي يؤكد به المعنى المقصود فيزداد به مزية ونبلاً وفائدته هاهنا التصريح بما هو المراد تبينه في الأنفس وتقرره في الأذهان، وقال بعضهم لعبد الله ابن طاهر أحسن ما قيل في هذا الباب:

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

وأمثال هذا كثيرة. فاعرفه.

وأما الثاني وهو الذي في يأتي في الكلام لغير فائدة فهو ضربان: الأول أن يكون دخوله في التأليف كخروجه منه، لا يؤثر حسناً ولا قبيحاً، فمن ذلك قول النابغة:

يقول رجال يجهلون خليقتي ... لعل زياداً لا أبا لك غافل

فقوله (لا أبا لك) اعتراض لا فائدة فيه، وليس (يؤثر) في هذا البيت حسناً ولا قبحاً، ومثله قول زهير:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم

وكذلك قول بعض المحدثين:

صدودكم والديار دانية ... أهدى لرأسي ومفرقي شيباً

فذكر المفرق بعد الرأس بما لا فائدة فيه البتة.

ومن هذا القول أو الضرب قول ابن هانئ:

فلا مهجة في الأرض منك منيعة ... ولو قطرت في ريق أرقط أرقم

<<  <   >  >>