للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"يا أيها الناس أخرجوا عنكم الأعراب، وقال: يا معشر الأعراب الحقوا بمياهكم، فأبت السبئية وأتاهم الأعراب" (١) ".

ولما رأى الناس وفي مقدمتهم رؤوس الصحابة وأكابرهم أن السبئية يزدادون يومًا فيومًا في غلوائهم وطغيانهم، وأيديهم متلطخة بدم الإمام المظلوم، وهم زيادة على ذلك يريدون أن يلفّوا حولهم أوباشًا من الناس والفسقة والفجرة، كما أنهم بدءوا يبثون العقائد الأجنبية بينهم، طالبوا عليًّا - رضي الله عنه - أن يقتص منهم لعثمان بأن يحكّم فيهم بالسيف، ولكن أمير المؤمن عليًّا هاب من نفوذهم، وخاف من سلطتهم، فماطل الصحابة وطلب منهم المهلة لازدياد نفوذ السبئية وقوتهم، فلقد ذكر

المؤرخون ألفاظًا عديدة منه - رضي الله عنه - تبريرًا لقصوره عن أخذ الثأر وإقامة الحد، فقد ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه:

"ولما استقر أمر بيعة علي دخل عليه طلحة والزبير ورؤوس الصحابة - رضي الله عنهم - وطلبوا منه إقامة الحد والأخذ بدم عثمان، فاعتذر إليهم بأن هؤلاء لهم مدد وأعوان وأنه لا يمكنه ذلك يومه هذا، فطلب منه الزبير أن يواليه على إمرة الكوفة ليأتي له بالجنود، وطلب منه طلحة أن يواليه إمرة البصرة ليأتي له منه بالجنود ليقضي على شوكة هؤلاء الخوارج وجهلة الأعراب الذين كانوا معهم في قتل عثمان - رضي الله عنه - فقال لهما: مهلاً عليَّ حتى أنظر في هذا الأمر" (٢) ".

وعبارة الطبري:

يا عليّ إنا قد شرطنا إقامة الحدود وإن هؤلاء القوم قد اشتركوا في دم هذا الرجل وأحلوا بأنفسهم، فقال لهم: يا إخوتاه إني لست أجهل ما


(١) - الطبري: ج٥ ص١٥٩. ابن الأثير: ص١٠١، ابن خلدون: ج٢ ص١٥١.
(٢) - البداية والنهاية لابن كثير: ج٧ ص٢٢٧ - ٢٢٨.

<<  <   >  >>